الثلاثاء، 17 يوليو 2018

لماذا لا نفكّر بعقولنا؟



فروض أو أركان الإسلام هو مصطلح إسلامي.. يطلق على الأسس الخمس التي بُنى عليها دين الإسلام.. حسب نص الحديث النبوى:
بُنِى الاسلام على خمس: الشهادتان.. إقامة الصلاة.. ايتاء الزكاة.. صوم رمضان.. والحج للقادرين!
ولست أدرى من الذى واتته الجرأة.. فأضاف لفروض الاسلام.. فرضا جديدا.. ليس بفرض على الاطلاق..
لقد فاته أن فروض الدين الاسلامى الخمسة.. لكافة البشر.. نساء ورجال.. وليس من المعقول أن يختص الدين الاسلامى.. النساء لوحدهن بفرض من الفروض.. لتغطية شعورهن بقطعة من القماش.. وأن تُضاف تلك القطعة الى الفروض الاسلامية وتصبح واحدا منها..
وفاته أيضا أن ذلك الفرض لم يرد فى القرآن.. أو فى أى حديث نبوى صحيح.. كما وردت باقى الفروض؟
(واضح من جميع الآيات القرآنية.. المرتبطة بما تضعه المرأة على جسدها من ملابس وخلافه.. عدم وجود أى نص صريح.. يُلزم المسلمات بتغطية شعرهن.. وكل ماقيل بعد ذلك.. عن هذا الأمر.. لا يعدو أن يكون مجرد استنتاجات وتحريف لمعانى الآيات!)
(ذُكرت كلمة "حجاب" فى القرآن 7 مرات.. ولم تكن تعنى فى أى واحدة منها.. غطاء للشعر والرأس.. وانما كانت كلها بمعنى حائط أو حاجز أو حائل!)
لقد ارتكب من تجرأ وأضاف الى فروض الدين الاسلامى.. فرضا ليس أصلا من فروضه.. خطئا جسيما!
ولو فكّرنا بعقولنا.. فسوف نجد أن الحجاب ليس فرضا.. ومن غير المعقول أن يكون فرضا!


ملابس المرأة فى القرآن



ـ يقول الله فى سورة النور الآية 31:
"وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
الجيب هو فتحة واسعة نسبيا.. كانت تُفتح فى ملابس النساء تحت الإبط.. لكى تخرج المرأة ثديها منها.. حتى تتمكن من إرضاع طفلها.. دون أن يرى الآخرين الثدى.. وقد رأيت بنفسى.. عندما كنت صغيرا.. فلّاحات مصريات يفعلن ذلك..
وكانت نساء العرب فى الجاهلية يتعمدن ترك جيوبهن دون غطاء.. لإظهار أثدائهن من خلالها لإغراء الرجال.. والآية تدعو المؤمنات لتغطية جيوبهن بالخمار وعدم إظهار أثدائهم!
وكلنا نعلم أن الزينة المنهى عن إبدائها (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ).. هى شيء يُضاف للتجميل.. كالحُلى والمجوهرات والدهانات ومساحيق التجميل..
وقد ذُكرها الله بصورة عامة غير محددة.. أى أن كونها مقبولة أو غير مقبولة.. متروك للتقدير البشرى.. وللأوضاع الاجتماعية السائدة فى كل مجتمع.. ولا يمكن أن يكون المقصود بها الوجه أو الشعر.. وإلا كان.. سبحانه وتعالى.. قد ذكرهما بألتحديد وبوضوح..
وفى رأيى أن النهى هنا.. يتضمن عدم المُغالاة فى الزينة التى تضاف الى الوجه والملابس.. كما تفعل بعض السيدات.. ومنهن بعض المحجبات!

ـ ويقول الله فى سورة النور الآية 60
"وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"
والمقصود بالقواعد.. النساء الكبيرات فى السن.. وأولاء ليس عليهن سوى أن يكن غير متبرجات فى زينتهن!

ـ ويقول الله فى سورة الأحزاب الآية 59
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"
وكلنا نعلم أن الجلباب هو قطعة من الملابس تغطى الجسم بالقرب من الرقبة وتمتد الى أسفل الجسم.. أما الإدناء المطلوب (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ) فلا يمكن أن يكون لأعلى وإنما لأسفل.. لأن إدناء معناها خفض وليس رفع.. ولا يمكن أن يكون المقصود بالخفض رفع الجلباب الذى تضعه المرأة على جسدها الى أعلى لتغطية الوجه أو الشعر.. وإلا كان.. سبحانه وتعالى.. قد ذكرهما بألتحديد وبوضوح..
و سبب نزول هذه الآية هو أن النساء.. فى تلك الأيام.. كن يخرجن لقضاء حاجتهن فى الخلاء.. فلم تكن دورات المياه قد عُرفت بعد.. وكان بعض الرجال السيئى السلوك.. يختبئوا فى الحفر الموجودة فى الخلاء.. للتلصص ومشاهدة أجساد النساء العارية.. وهذه الآية تنبه النساء بعدم رفع جلابيبهن من على الأرض.. و "يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ".. أى يٌخفضنها حتى تُلامس الارض.. وتُخفى أجسادهن العارية.. حتى لا يتمكن أحد من رؤيتهن!


الاثنين، 19 فبراير 2018

المعتزلة


كان للعالم الكبير "الحسن البصرى" مجلسين للعلم: مجلس خاص بمنزله.. ومجلس عام في المسجد يتناول فيه الحديث والفقه وعلوم القرآن واللغة وغيرها.. وكان من تلاميذه الكثيرين..  واصل بن عطاء.
واُثيرت فى مجلس المسجد يوما.. مسألة حُكم مرتكب الكبيرة (الذنوب والأخطاء الجسيمة).. فإتفقوا جميعا بأنه كافر
أما واصل فإنه قال أنه ليس بكافر.. وإنما في (منزلة بين منزلتين).. أي أنه ليس مؤمنا ولا  كافرا.. لأنه إذا تاب عن ذنبه قبل أن يموت.. فإن الله غفور رحيم.. وإذا مات دون توبة فهو كافر!
ولم يوافقه أحد من الحاضرين على رأيه!
وفى اليوم التالى حينما اجتمع المجلس.. لم يجدوا واصلا جالسا بينهم.. ورأوه جالسا بجوار أحد أعمدة المسجد البعيدة عنهم.. فقال الحسن عبارته المشهورة: إعتزلنا واصل!
فاُطلق على واصل وكل من جلس بجواره.. وكل من أيّده بعد ذلك"المُعتزلة"
وأهم ما لفت نظرى فى فكر المعتزلة:
ـ تقديم العقل على النقل: فقد اعتمدوا على العقل في تأسيس عقائدهم.. وقدموه على النقل.. وقالوا بأنّ العقل والفطرة السليمة قادران على تمييز الحلال من الحرام بشكل تلقائي.
ـ العدل: وهو قياس أحكام الله على ما يقتضيه العدل.. فنفوا أن يكون الله خالقا لأفعال عباده.. وقالوا: إن العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم إن خيرا وإن شرا..، ويستحيل أن يكون الله خالقا لآفعال عباده.. ثم يحاسبهم عليها!
وهو ما عُرف بعد ذلك بإشكالية: هل الإنسان مُخيّر أم مُسيّر؟ وإنتهوا الى أن الإنسان مُخيّر تماما فى كل أفعاله!
ـ القرآن مُنزّل وليس أزليا: وهذه الإشكالية سالت فيها بحور من الدماء.. وتعرّض بسببها الكثيرون لعذاب رهيب.. فبعض علماء المسلمين يؤمنون إيمانا راسخا.. أن القرآن الكريم قد خُلق كله خلقا كاملا.. مرة واحدة.. ثم نزل بعد ذلك.. على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالترتيب المعروف!
والمعتزلة لا يرون ذلك.. بل يرون أن القرآن قد تم خلقه حسب الترتيب الذى تم تنزيله به على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. وحجتهم فى ذلك.. أن بعض الآيات والسور كانت تنزل وقت حدوث الأحداث أو بعدها.. لتوضيح هذه الأحداث أو النهى عنها.. وأن بعض الآيات كانت تنسخ آيات أخرى نزلت قبلها!
ـ التوحيد والتنزيه المطلق لله سبحانه وتعالى: وقد استندوا الى سورة الشورى الآية رقم 11 التى يقول الله فيها عن ذاته: "... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ...".. لذلك فالمعتزلة يرفضون أي تشبيه بين المخلوقات والله!
أما الآيات التي تفيد التشبيه.. فلا يقبلها المعتزلة على ظاهرها.. بل يقومون بتأويل معانيها.. مثل سورة الرحمن الآية رقم 27: "وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ"
فيستبعدوا المعنى الظاهر لكلمة (وجه).. ويقولوا أن المقصود بها الذات الإلهية.

الأحد، 11 فبراير 2018

الدفن حية!


الدفن حيّة!

فى نهاية الستينيات وبداية السبعينيات.. من القرن الماضى.. وعقب هزيمة يونية 1967.. ومع بداية الأزمة الإقتصادية.. وسفر المصريين الى السعودية والخليج سعيا وراء الرزق.. إكتسحت مصر موجة من الفكر الرجعى المُعادى للتنوير.. شملت كل مظاهر الحضارة كالأدب والفن وغيرهما!
وتبنى الحملة السلفيون الوهابيون.. وأدّعوا أنهم يعيدون مصر الى صحيح الدين الاسلامى.. الذى إنحرفت عنه نتيجة للفكر التنويرى.. الذى ظلت تعيشه زمنا!
وكعادتهم وشأنهم دائما.. لم يتضمن نشاطهم أى إشارة للمشكلات القومية الكبيرة التى تعانى منها مصر.. وإقتصر الأمر على المرأة!
وكانت أهم نتيجة للموجة.. إعتبار المرأة مخلوقا من الدرجة الثانية.. لأنها حسب وصفهم واعتقادهم.. ناقصة عقل ودين.. وحطب جهنم.. وكلها عورة.. صوتها وشعرها وجسمها.. الخ.. الخ..
ويخطىء من يعتقد أن العقلية وطريقة التفكير التى ورثها السلفيين الوهابيين عن عرب الجاهلية .. قد اختلفت أو تغيرت.. عما كانت عليه.. لقد كانوا يدفنوا الطفلة الصغيرة حية.. خوفا لما قد تجلبه من عار عندما تكبر.. ولم يتغير شىء.. وكل ما هناك أن اسلوب الدفن هو الذى تغير!
فالسلفيون الوهابيون لا يستطيعون الآن دفنها حية حتى الموت وهى صغيرة.. بنفس الطريقة القديمة.. ولكنهم يستطيعون دفنها وهى حيّة دون موتها.. بطريقة مختلفة.. أولا: داخل أكوام من الملابس.. فالحجاب والأفضل النقاب كفيلان بأداء المهمة بأفضل صورة.. وثانيا: داخل بيتها.. الذى عليها دائما أن تلازمه ولا تغادره بتاتا.. لأن خروجها منه "مفسدة".. أما اذا كانت هناك أسبابا قهرية إضطرتها لذلك.. فالأفضل أن تخرج بصحبة "محرم"..
ولقيت تلك الموجة قبولا لدى المرأة فى الريف والمناطق الشعبية والعشوائية.. لإعتيادها تغطية شعرها بأنواع مختلفة من الأغطية.. مثل الطرحة والملاية اللف والمناديل المُلوّنة و.. و..
كما لقيت قبولا بين الرجال.. لأنها أرضت أصحاب الغيرة الذكورية.. ووضعت عوائق تمنع المرأة من كشف أى جزء من جسدها.. ومن الخروج من بيتها!
وحققت أخبث غرض كان السلفيون الوهابيون يريدوا الوصول ‏اليه.. تقسيم المجتمع ‏المصرى ‏دينيا.. عن طريق الزى.. بحيث ‏يسهل.. بمجرد النظر.. تمييز المسلمة من غير المسلمة.. وبالتحديد المسيحية!
ومن الطبيعى .. فى ظل تلك الدونية وذلك القهر.. أن تفقد المرأة أى شعور بالثقة فى نفسها.. أو النديّة فى تعاملها مع الرجل.. بل ومع المجتمع كله.. وأن تفقد الشعور بأى حماس أو دافع.. لعمل أى شىء ايجابى.. أو لخلع الحجاب أو النقاب أو للتغيير.. مهما قيل لها أنه ليس مرتبطا بالدين.. وبالرغم أنها قد تكون متأكدة من ذلك.. فما لجرح بميت إيلام.. ومن يهن يسهل الهوان عليه!