الأحد، 11 فبراير 2018

الدفن حية!


الدفن حيّة!

فى نهاية الستينيات وبداية السبعينيات.. من القرن الماضى.. وعقب هزيمة يونية 1967.. ومع بداية الأزمة الإقتصادية.. وسفر المصريين الى السعودية والخليج سعيا وراء الرزق.. إكتسحت مصر موجة من الفكر الرجعى المُعادى للتنوير.. شملت كل مظاهر الحضارة كالأدب والفن وغيرهما!
وتبنى الحملة السلفيون الوهابيون.. وأدّعوا أنهم يعيدون مصر الى صحيح الدين الاسلامى.. الذى إنحرفت عنه نتيجة للفكر التنويرى.. الذى ظلت تعيشه زمنا!
وكعادتهم وشأنهم دائما.. لم يتضمن نشاطهم أى إشارة للمشكلات القومية الكبيرة التى تعانى منها مصر.. وإقتصر الأمر على المرأة!
وكانت أهم نتيجة للموجة.. إعتبار المرأة مخلوقا من الدرجة الثانية.. لأنها حسب وصفهم واعتقادهم.. ناقصة عقل ودين.. وحطب جهنم.. وكلها عورة.. صوتها وشعرها وجسمها.. الخ.. الخ..
ويخطىء من يعتقد أن العقلية وطريقة التفكير التى ورثها السلفيين الوهابيين عن عرب الجاهلية .. قد اختلفت أو تغيرت.. عما كانت عليه.. لقد كانوا يدفنوا الطفلة الصغيرة حية.. خوفا لما قد تجلبه من عار عندما تكبر.. ولم يتغير شىء.. وكل ما هناك أن اسلوب الدفن هو الذى تغير!
فالسلفيون الوهابيون لا يستطيعون الآن دفنها حية حتى الموت وهى صغيرة.. بنفس الطريقة القديمة.. ولكنهم يستطيعون دفنها وهى حيّة دون موتها.. بطريقة مختلفة.. أولا: داخل أكوام من الملابس.. فالحجاب والأفضل النقاب كفيلان بأداء المهمة بأفضل صورة.. وثانيا: داخل بيتها.. الذى عليها دائما أن تلازمه ولا تغادره بتاتا.. لأن خروجها منه "مفسدة".. أما اذا كانت هناك أسبابا قهرية إضطرتها لذلك.. فالأفضل أن تخرج بصحبة "محرم"..
ولقيت تلك الموجة قبولا لدى المرأة فى الريف والمناطق الشعبية والعشوائية.. لإعتيادها تغطية شعرها بأنواع مختلفة من الأغطية.. مثل الطرحة والملاية اللف والمناديل المُلوّنة و.. و..
كما لقيت قبولا بين الرجال.. لأنها أرضت أصحاب الغيرة الذكورية.. ووضعت عوائق تمنع المرأة من كشف أى جزء من جسدها.. ومن الخروج من بيتها!
وحققت أخبث غرض كان السلفيون الوهابيون يريدوا الوصول ‏اليه.. تقسيم المجتمع ‏المصرى ‏دينيا.. عن طريق الزى.. بحيث ‏يسهل.. بمجرد النظر.. تمييز المسلمة من غير المسلمة.. وبالتحديد المسيحية!
ومن الطبيعى .. فى ظل تلك الدونية وذلك القهر.. أن تفقد المرأة أى شعور بالثقة فى نفسها.. أو النديّة فى تعاملها مع الرجل.. بل ومع المجتمع كله.. وأن تفقد الشعور بأى حماس أو دافع.. لعمل أى شىء ايجابى.. أو لخلع الحجاب أو النقاب أو للتغيير.. مهما قيل لها أنه ليس مرتبطا بالدين.. وبالرغم أنها قد تكون متأكدة من ذلك.. فما لجرح بميت إيلام.. ومن يهن يسهل الهوان عليه!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق