السبت، 30 نوفمبر 2013

المعضلة الهزلية السوداء!



المادة ١٠١ من الباب الخامس: نظام الحكم، من الدستور الجديد: "................. ويشترط فى المرشح لعضوية المجلس أن يكون مصرياً، متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، حاصلاً على شهادة إتمام التعليم الأساسى(!!) على الأقل................."

أهلا وسهلا بأعضاء مجلس الشعب الجديد (حاملى الإبتدائية) الذين سيكونون مسئولين عن الحياة السياسية فى مصر، ومراقبة الحكومة، وسن القوانين، و.. و..الخ.. ومثل تلك الأمور البسيطة التى لا تحتاج إلى أكثر من الإبتدائية!

وأرجو أن نكون متنبهين إلى أن حاملى إبتدائية هذه الأيام يستطيعون ـ بعناء شديد ـ أن يكتبوا أسماءهم، وبخط ردىء للغاية؛ وأنها (إبتدائية هذه الأيام) تختلف كثيرا عن الإبتدائية فيما مضى!

وأرجو أيضا أن نكون متنبهين إلى أن أكثر من 50% من رجال مصر، وأكثر من 75% من النساء، لا يقرؤا أو يكتبوا على الإطلاق؛ ومطلوب منهم أن يقولوا رأيهم فى الدستور، وأن ينتخبوا أعضاء مجلس الشعب، ورئيس الجمهورية!

فهل يصح أن يختار، أميون، جهلة؛ ليحكموهم؟!

من الممكن حل هذه المعضلة الهزلية السوداء! إذا كان لدينا واحد فقط، من مسئولينا، لديه الشجاعة والضمير، ليعترف صراحة بذلك، كخطوة أولى لمحاولة الحل!

وتوجد عدة حلول ـ وهى ليست سهلة بالتأكيد ـ مثل:

ـ تعديل المادة المذكورة ليقتصر التصويت، على حاملى الثانوية العامة، ويقتصر الترشح لعضوية مجلس الشعب، على المؤهل العالى!

ـ العودة لدستور 1971 لفترة إنتقالية، لا تقل عن ثلاثة أعوام، يحكم البلاد أثناءها مجلس رئاسى، يضع خطة عاجلة، تنفذها وزارة أزمة، وليست مؤقتة أو إنتقالية، ويتم تشكيل جهاز من القوات المسلحة لمتابعة تنفيذ الخطة شهرا بشهر؛ وتغيير الوزير الذى لا يلتزم بالخطة فورا.

وإذا كان ماأقوله يبدو صعبا أو مستحيلا، فأرجو أن نعلم، أن زعيما عظيما إسمه "فيديل كاسترو"، كان يحكم بلدا إسمه "كوبا" وأنه أغلق ـ أثناء حكمه ـ المدارس والجامعات، سنة دراسية واحدة، كلف فيها كل طالب ثانوى أو جامعى، بمحو أمية 10 أميين. وفى نهاية السنة، لم يعد فى كوبا مواطنا واحدا أميا!!

هكذا تدار الأمم!

أما كل هؤلاء الذين يتساءلون بمناسبة وبدون أى مناسبة: طيب وهانعمل إيه مع أمريكا وأوروبا وبان كى مون وحقوق الإنسان و..؟

فأجيبهم: إليكم العبارة التالية لتردوا بها على الجميع، أكتبها باللغة الإنجليزية، توفيرا لعناء الترجمة:
 
“GO TO HELL”

الخميس، 28 نوفمبر 2013

الخضيرى وواكد



كلامى موجه الى أى إنسان يبدى أى قدر من التعاطف معهما، بعد أن رأيناهما حاضران فى واقعة تعذيب مؤلمة!

هل رأيتم واكد وهل يلتقط صور التعذيب لمواطن بائس، ولا يبدو على ملامحه أى قدر من التأثر، بل على العكس، نظرات سادية شرسة، بل وينهر المواطن!

لقد كنت من المعجبين بواكد كممثل، فقد نجح بقدرته الجيدة على التمثيل، أن يجعلنا لا نتنبه كثيرا لملامحه القبيحة!

ولكنى لن أستطيع ـ بعد اليوم ـ أن أرى وجهه القبيح هذا، الذى أصبح مرتبطا بواقعة التعذيب المؤلمة تلك!

أما الخضيرى، فقد سقط فى نظرى تماما منذ زمن بعيد، حينما رأيته وسمعته بنفسى، فى إحدى جلسات مجلس الشعب المنحل يقول: لقد أخطأنا مع مبارك، وكان علينا أن نفعل معه مثلما فعل الليبيون مع القذافى!؟

هل يعقل أن يصدر مثل هذا الكلام من إنسان بلغ من السن عتيا، وكان قاضيا فى يوم من الأيام؟!

الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

ياشباب الثورة.. إنتبهوا!



فى الأيام الماضية عانينا كثيرا من تظاهرات الإخوان، وتعطيلهم الطرقات، وتجاوزاتهم الخطيرة الخبيثة، التى وصلت الى التعرض للسائحين الأجانب، ومحاولة إرهابهم، كما حدث فى منطقة الهرم.

وإتهمنا ـ جميعا ـ الحكومة بالتخاذل والتهاون فى مواجهة تلك التجاوزات.

ثم صدر قانون تنظيم التظاهر، فتنفس الكثيرون الصعداء*، وتنهد البعض قائلين: أخيرا؟

ولكن شيطانا خبيثا، سول* أمس، لمجموعة من الشباب (منهم أعضاء فى 6 ابريل)، أن يتظاهروا ـ دون الحصول على إذن مسبق ـ أمام باب مجلس الشورى، الذى تجتمع بداخله، لجنة الـ 50 المسئولة عن الدستور.

وبدأت الشرطة فى تنفيذ بنود قانون التظاهر بالترتيب، طلب مغادرة المكان أولا، ثم إستخدام خراطيم المياه؛ إلا أن المتظاهرين إشتبكوا مع الشرطة، فتم القبض على عدد كبير منهم.

وهنا حدث شىء غريب ومريب فى نفس الوقت، 20 عضوا من لجنة الـ 50 غادروا إجتماع لجنتهم، قائلين أنهم يفعلون ذلك "تضامنا مع الشباب المقبوض عليهم خارج اللجنة"!؟

لم لم ينتظر هؤلاء الأعضاء إنتهاء إجتماع لجنة الـ 50 أمس ليعلنوا ـ بعده ـ تضامنهم مع الشباب المقبوض عليهم، خصوصا أنهم يعلمون تمام العلم، أن مغادرتهم للاجتماع سوف تؤدى حتما إلى بطلانه ؟!

ولم توجه المتظاهرون أساسا إلى مجلس الشورى، الذى تنعقد بداخله إجتماعات لجنة الـ 50 الخاصة بالدستور؟

وهل كانت هناك خطة تبدأ بالتظاهر، دون الحصول على إذن مسبق، ثم الإشتباك مع الشرطة، ثم مغادرة 20 عضوا من لجنة الـ 50 إجتماع لجنتهم، بدعوى أنهم يتضامنون معهم، بحيث نصل فى النهاية إلى غاية المراد، ألا وهو تعطيل لجنة الـ 50، مما سيؤدى بالتالى الى تعطيل الدستور ؟!

ياشباب الثورة.. إنتبهوا

·       الصعداء: بضم الصاد وفتح العين: تعنى التنفس بوجع بعد طول إنتظار.
·       سول: بفتح السين وتشديد الواو: تعنى ألإغراء والحض على فعل شىء، يكون فى الإغلب سيئا

الجمعة، 22 نوفمبر 2013

الجاهليون الوهابيون.. شكرا!



كان بمصر ومازال يوجد، نوع غريب من البشر، يروجون ويدعون الى ممارسة نوع قبيح من الشذوذ، مع من تسمى "المصالحة"!

وبالرغم أن غالبية المصريين يرون أن "المصالحة" قد ولدت متوفاه، وأن إكرام الميت دفنه، فمازالت أعداد قليلة من المصريين ـ وأغلبهم للأسف الشديد من حاملى درجة الدكتوراة والاستاذية ـ تبذل محاولات يائسة فاشلة، لعل وعسى!

ويسعدنى أن أتوجه بالشكر الجزيل، لكافة الجاهليين الوهابيين، الذين قال كثير منهم أن المسلم الحق يجب أن يعيش فى القرن الأول الهجرى، ولا يغادره بتاتا مهما كانت الأسباب!
وسبب شكرى لهم، هو أنهم كانوا أول من رفض "المصالحة" رفضا تاما، وأتبعوا ذلك بموجات من الإرهاب، تشمل كافة أشكال القتل والعنف والتخريب، وكان لهم أخيرا الفضل فى الإعلان النهائى عن وفاتها!

أما الدكاترة والأساتذة، فكان الله فى عونهم، وأدعوه أن يهبهم نعمة العقل، ليدركوا أنه قد مر أكثر من ست ساعات على الوفاة، و"الضرب" فى الميت حرام يادكاترة!

الخميس، 21 نوفمبر 2013

ملخص أول حديث صحفى لرئيس المخابرات العامة المصرية



أدلى اللواء محمد فريد التهامى، رئيس المخابرات العامة المصرية، يوم 9 نوفمبر 2013، بأول حديث صحفى له، وكان من نصيب الصحفى الأمريكى الشهير "ديفيد إجناتيوس" بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية التى نشرت الحديث، كما نشرته أيضا صحيفتا "الفجر" و "المصري اليوم" المصريتان.
ونظرا لطول الحديث، فاننى سوف أقوم بتلخيص أهم ما قاله اللواء التهامى، ويمكن قراءة الحديث كاملا عن طريق الرابط:


ـ الإرهاب ليس له وطن أو دين، وبعد أحداث ثورة 30 يونيو، بدأت بعض العناصر الإرهابية الموجودة فى سيناء، وهى العناصر التى حضرت إلى مصر قبل هذه الثورة، بالتعاون مع العناصر الإرهابية التى أفرج عنها محمد مرسى، بالإضافة إلى العناصر الإرهابية القادمة من دول خارجية، فى بناء تنظيمات للإرهاب فى سيناء.
وحاليا يوجد اتجاهان رئيسيان لمكافحة الإرهاب: الأول تقوم به القوات المسلحة، والثانى تقوم به وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطنى (مباحث أمن الدولة)، وقد استدعى وزير الداخلية بعض العناصر الأكفاء من الذين تخلص منهم مرسى، وأعادهم إلى الجهاز، بهدف أن يستعيد الجهاز قدرته المهنية والمعلوماتية فى تتبع الخلايا الإرهابية.
وقد تدفقت الى مصر من مخازن السلاح فى ليبيا، كميات هائلة من مختلف أنواع الأسلحة خلال العام السابق.
والأسلوب الأمثل للقضاء على العناصر الإرهابية يعتمد على ثلاثة عناصر رئيسية:  الأول تبادل المعلومات الاستخباراتية مع دول صديقة مثل الولايات المتحدة، والثانى معرفة مصادر تمويل الخلايا والعمل على إيقافها، والثالث وهو شديد الأهمية: الوصول إلى أماكن تخزين الأسلحة المهربة إلى مصر والتحفظ عليها.
ويسعى الإرهاب الآن لتحقيق عدة أهداف: الأول تخويف السياح لمنعهم من دخول مصر مما يؤثر على الدخل القومى، والثانى محاولة التأثير على الملاحة فى قناة السويس، والثالث: إظهار عدم الاستقرار فى مصر لحجب المستثمرين عن القيام بمشروعات فى البلاد.
والتقييم النهائى لهذا الموضوع هو أننا نشعر أن جميع الأجهزة الأمنية نجحت خلال الفترة الماضية فى الحد بنسبة كبيرة من نشاط هذه الجماعات.

ـ التواصل بين العناصر الإرهابية وتنظيم القاعدة الرئيسى لا يتم بطريقة مباشرة، وإنما عن طريق شبكات الإنترنت وتبادل المعلومات، والقاعدة الآن لم يعد لها هيكل تنظيمى مثلما كان فى السابق فى عهد أسامة بن لادن، ولكنها الآن أصبحت فكرا ينتشر بين أفراد، فكر تكفيرى أو فكر جهادى، والخلايا أو العناصر الجديدة التى تتشكل حاليا مثل "بيت المقدس" وسائر الخلايا الصغيرة، تنتمى إلى القاعدة فكرياً وليس تنظيمياً.
كنا نعقد لقاءات مع أجهزة المخابرات الأمريكية، وكان هناك تنظيم رئيسى هو القاعدة، به أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى وباقى العناصر الموجودة فى أفغانستان، وكان من السهل تقييم التنظيم وأذرعه واتجاهاته، وبعد غزو أفغانستان فى عام 2001 انتشرت عناصر التنظيم فى باكستان، جزء منها ذهب إلى اليمن، وجزء آخر ذهب إلى الصومال، وجزء ثالث ذهب إلى العراق، وجزء رابع ذهب إلى غرب أفريقيا، وأصبح كل جزء نواة للفكر، يعمل باستقلالية، وليس بمركزية كما كان فى السابق.
لا يوجد جهاز أمنى فى العالم يستطيع أن يمنع الإرهاب، والقضاء على الخلايا والعناصر الإرهابية فى سيناء قد يتطلب بعض الوقت حتى نحقق التوازن بين الوصول إلى الهدف وتقليل الخسائر بين الأبرياء، أحياناً نجد خلية أو مجموعة تضم من فردين إلى ثلاثة أفراد، ينفذون عملية إرهابية.
وأصعب أسلوب قتال أن تواجه قوة نظامية خلايا إرهابية، عند قتال الجيوش يكون لكل جيش هدف محدد وعدو واضح أمامه.. لكن عندما تقاتل الجيوش عناصر إرهابية فإنك تجدها تبحث عن مجموعة صغيرة تنتشر على مساحة كبيرة من الأرض.. والعامل الرئيسى للنجاح.. المعلومات.
وأكبر مثال على ذلك أن الولايات المتحدة احتاجت 11 سنة (من 2001 إلى 2012) حتى عثرت على أسامة بن لادن وقضت عليه.
وحتى الآن لا أحد يعرف أين يختبئ أيمن الظواهرى أو ما الذى يخطط له؟
مع الوقت وتوفير المعلومات والتنسيق مع أجهزة الاستخبارات سوف نصل إليه، وخطورة القاعدة حالياً ليست فى التنظيم بقدر ما هى فى الفكر.

ـ العمل فى سيناء يقع على كاهل القوات المسلحة والأمن الوطنى التابع لوزارة الداخلية،  دور جهاز المخابرات أنه عندما تصل إليه معلومة تتعلق بالعناصر الإرهابية يقوم بإبلاغها إليهما، وعند القبض على إرهابى يقومان باستجوابه للحصول على مزيد من المعلومات منه تساعد فى الوصول إلى بقية الخلية أو التنظيم.
وأحد العوامل المؤثرة فى الحد من النشاط الإرهابى فى سيناء، إغلاق القوات المسلحة عدداً كبيراً من الأنفاق بين مصر وغزة، وتأمين الحدود الغربية مع ليبيا بكثافة أشد، للحد من تهريب الأسلحة.
وخلال الفترة السابقة، تم ضبط العديد من قضايا تهريب الأسلحة، ومستودعات تخرينها فى بعض المحافظات.

ـ منذ قيام الثورة مباشرة وحتى الآن، يجرى التعاون بين الأجهزة الاستخباراتية فى مصر والولايات المتحدة والدول الصديقة، وهذه القناة تختلف عن القنوات السياسية، وأنا على اتصال دائم مع "جون برينان" (مدير وكالة سى آى إيه)، ومحطة الوكالة فى مصر على اتصال دائم بنا.
وتبادل المعلومات بين الأجهزة الاستخباراتية لا يتعلق بأشخاص وإنما بعناصر إرهابية.
ومن مصلحة الأمريكيين والمصريين التواصل فى مجال مكافحة الإرهاب، وأنا سعيد لأن رئيس هيئة الأمن القومى الأمريكى، "الجنرال كيث الكسندر"، كان مدير مخابرات القيادة المركزية عندما كنت أنا مديراً للمخابرات الحربية.

ـ قطاع غزة أرض فلسطينية تحت الإحتلال الإسرائيلى، ويتواجد به حوالى مليون ونصف المليون فلسطينى، وهذه أعلى كثافة سكانية فى العالم.. وطبقا للقانون الدولى، يجب على إسرائيل أن توفر احتياجات القطاع الضرورية بصفتها قوة احتلال.
قبل 30 يونيو كان تهريب البضائع والسلع المدعمة من مصر - مثل الوقود والدقيق والزيوت - يحدث عبر الأنفاق، وشكلت حماس وزارة أطلقت عليها "وزارة الأنفاق"  لجمع الرسوم والضرائب على البضائع التى تهرب من مصر، ولا يهم حماس إن كانت البضائع التى تصل إلى غزة، تأتى من مصر أو إسرائيل، وإنما المهم هو تحصيل ضرائب عنها!
مشكلة الوقود حاليا فى غزة، ليس بسبب نقصه، ولكن نتيجة رفض حماس أن تحصل على الوقود من إسرائيل وتدفع ضرائب عنه.
نحن نعتبر قطاع غزة جزءاً من الأراضى الفلسطينية، يوجد به مواطنون فلسطينيون، وحماس تمثل نسبة محدودة فيه، وبالتالى لا نتعامل مع القطاع على أساس أن كله حماس، ونحن نتصل مع حماس فى أوقات عديدة، بصفتها الإدارة الموجودة فى غزة، لتنسيق المواقف بشأن فتح المعابر، أو إذا كانت هناك مشاكل بينها وبين إسرائيل، لتجنب تصعيد الموقف بينهما.
إذا كانت حماس فى العام السابق، الطفل المدلل للنظام المصرى السابق، فسكان قطاع غزة بالكامل، هم الطفل المدلل للشعب المصرى الآن.

ـ ليبيا أصبحت الآن ثلاثة أقسام، ومن حسن حظ مصر، أن القسم الملاصق لحدودها الغربية، وهو منطقة شرق ليبيا أو إقليم برقة، نسبة العناصر المتطرفة فيه قليلة، أما فى غرب ليبيا وطرابلس، العاصمة، فنسبة العناصر المتشددة هناك كبيرة نوعاً ما.
ومشكلة ليبيا الآن أنها لا توجد فيها حكومة مركزية قادرة على السيطرة على جميع أراضيها، وقد فتح القذافى ـ قبل قتله ـ مخازن السلاح والذخيرة لليبيين، فأصبحت ليبيا تدار بسلطة القبائل وقوة الجماعات المتشددة، والأكثر تسليحا، والأكثر قوة، هو الذى يفرض إرادته على الآخرين.

ـ المشكلة فى سوريا ليست من صنع الشعب السورى، ولقد بدأتها المعارضة للحصول على حقوقها، وسعت لتغيير النظام. كان هذا هو الهدف من الصراع فى بدايته، ولكن الدعم غير المحسوب من قوى خارجية وإقليمية، دفع بعناصر متشددة إلى البلاد، وشكلوا ما يسمى "جبهة النصرة"، ودعمت قوى إقليمية ودولية المعارضة بالسلاح والذخائر، ونظرا لأن "جبهة النصرة" كانت الأكثر احترافا فى القتال، فإنها استولت على معظم هذه الأسلحة.
وفى سوريا الآن ثلاث قوى تتصارع فى الداخل: الجيش السورى، والجيش السورى الحر، وجبهة النصرة.
وهناك قوى دولية وإقليمية تدعم الجيش السورى وتقف وراءه، ويتكرر الأمر نفسه مع الجيش السورى الحر، وجبهة النصرة.
ولن يحسم الصراع فى سوريا عسكريا، لطرف من الأطراف المتقاتلة، ولن ينته المطاف إلا إذا جلست القوى المتصارعة على مائدة الحوار، وهنا سيظهر لنا السلطة السورية، والمعارضة السورية، وتختفى جبهة النصرة تحت الأرض، فليس لها مكان على مائدة المفاوضات، وهذا أخطر ما فى المشكلة.
جبهة النصرة أساسا، لا تجلس على موائد التفاوض، وسبق أن قلت ذلك للأصدقاء فى الولايات المتحدة وبريطانيا، فالإرهاب لا يجلس على مائدة مفاوضات، بل يريد السلطة كاملة!
وهذه المأساة ستعانى منها المنطقة بأسرها، ولا تنس أن القاعدة الآن موجودة فى سوريا وفى العراق، وبالتالى فإن استقرار المنطقة لابد أن يبدأ بالتعاون الدولى فى مكافحة الإرهاب.
عندما تم تدعيم القاعدة فى أفغانستان، لمقاومة الاحتلال السوفيتى هناك، انسحب السوفييت، وبقى تنظيم القاعدة، ومارس نشاطه فى الداخل والخارج، حتى وصل إلى برجى التجارة فى نيويورك عام 2001!
إن فكر القاعدة لا يقتنع بالسياسة، ولا يؤمن بالمفاوضات، ولكنه يقتنع بتحقيق الهدف الذى يسعى إليه، وهو إقامة إمارات إسلامية فى الدول التى ينشط فيها ويتواجد بها.

ـ عندما اجتمعت القوى السياسية فى مقر وزارة الدفاع لوضع تصور لخريطة المستقبل، دعى حزب الحرية والعدالة للحضور، ورغم رفض الحزب الحضور، الذى شاركت فيه القوى الوطنية المتنوعة، إلا أن الإعلان الدستورى صدر لاستكمال خريطة المستقبل، دون إقصاء لأى قوة سياسية حالية.
السلفيون موجودون على الساحة السياسية، وموجودون فى لجنة الخمسين لإعداد الدستور، ولكن حزب الحرية والعدالة رفض ترشيح ممثل له فى لجنة الخمسين.
المشكلة ليست فيما نريد وإنما فيما يريد الآخرون، نحن نريد أن يتحقق الاستقرار فى مصر، وأن تستكمل خريطة المستقبل طبقا للتخطيط الموضوع، وأن يكون المصريون جميعهم سواء أمام القانون، لا يميز مصرى عن آخر، لغة أو دين أو عرق.

ـ الإخوان فى مصر تعدادهم حوالى 800 ألف، المسيحيون قرابة 8 إلى 10 ملايين مسيحى، والكل مواطنون مصريون، لهم حقوقهم، ومسؤولية الدولة الحفاظ على أمنهم وسلامتهم، وغير مقبول، ونحن فى القرن الواحد والعشرين، أن يقسم المصريون فى بلادهم على أساس الدين أو العقيدة، ولا يمكن لفئة محدودة، أن تعتقد أنها الفئة الوحيدة المسلمة، دون ما عداها من المصريين.
هناك نحو 80 مليون مسلم فى مصر، وحوالى 10 مليون مسيحى، وغير مقبول وغير مسموح، أن نفرق بين المسلم والمسيحى، وبالتالى غير مقبول وغير مسموح، أن نفرق بين مسلم ومسلم، الدين علاقة بين الإنسان وربه، ولا توجد واسطة بين الإنسان وربه، ولا يوجد على الأرض مسلم، ومسلم سوبر "جى إل إس".
كلنا مواطنون مصريون، وكل إنسان يعتنق الدين الذى يقتنع به، لكن لا يمكن لأحد أن يستخدم الدين كميزة للوصول إلى السلطة.
السياسة فيها مناورات وصراعات ولا يوجد فيها صدق بنسبة 100%، وبالتالى غير مقبول أن ندخل شيئاً غير سليم، على عقيدة آتية من الرب، سواء مسلمة أو مسيحية.
المشكلة الآن مع بعض تيارات الإسلام السياسى، أنها تحاول الضغط على الشعب المصرى، من خلال التظاهرات والعمليات الإرهابية، ولم يحدث على مدار التاريخ كله، أن نجحت قوة محدودة، فى فرض إرادتها على المصريين.
وهنا سأشير إلى كلمة قالها البابا تواضروس (بطريرك الأقباط) فى أعقاب الإعتداء على المسيحيين، فى دور العبادة ومحاولة بعض المسلمين، تأمين الكنائس، حيث رفض ذلك قائلا: "أنا أستطيع بناء الكنيسة ولكن لا أستيطع أن أعيد روح إنسان يموت دفاعا عن كنيسة"
لا خصومة فى مصر، بين مصرى ومصرى، أو بين فئة أو أخرى، ومن يريد أن يدخل فى العملية السياسية، أيا كان توجهه، أهلا به.

ـ بالنسبة للعلاقات بين مصر والولايات المتحدة، أنا لا أعتبر أن هناك مشكلة بينهما لسبب بسيط، الولايات المتحدة على مدار 30 سنة تدعم مصر بالمساعدات العسكرية، ولا يعنى تأخير تسليم دفعة مساعدات أن ذلك بسبب مشكلة بينهما، قد يكون هناك تباين فى الرؤى، أو أن المعلومات تصل بصورة غير سليمة فى بعض الأحيان للقيادة السياسية، غير أنه على أرض الواقع تكن مصر للولايات المتحدة كل احترام وتقدير، ولا نستطيع أن ننسى دعم الولايات المتحدة لنا، سواء فى معاهدة السلام مع إسرائيل، أو الدعم العسكرى خلال الثلاثين عاما الماضية.

ـ وفى النهاية أريد طمأنة العالم، بأن مصر إن شاء الله خلال الفترة القادمة سوف تستقر، لأن شعبها شعب طيب لا يميل إلى العنف، وما حدث فى الفترة الماضية، أن هناك عناصر شعرت أنها فقدت السلطة، ففعلت ما فعلت، ونحن لا نغضب من أحد.
مصر أذرعها مفتوحة لجميع أبنائها باختلاف تياراتهم وانتماءاتهم وديناتهم، ونحن لسنا قلقين على مصر فى الفترة القادمة. الشعب المصرى طيب، ومحب للجميع، وغير معقول أنه يوجد فى مصر بين ثلاثة إلى أربعة ملايين سودانى، وحوالى 200 ألف عراقى، ومن 300 إلى 400 ألف سورى، غير باقى الجنسيات الأخرى، يحتويهم الشعب المصرى بكل حب وترحاب، وهو بالتالى لا يستطيع أن يرفض أحدا من أبنائه المصريين.