الأحد، 6 أكتوبر 2013

6 اكتوبر


فى مثل هذا اليوم (6 اكتوبر) منذ 40 سنة، كان لى شرف عبور قناة السويس مع جنودى ضمن موجات الهجوم الأولى، فى قارب مطاط، من الضفة الغربية لقناة السويس الى الضفة الشرقية، وصعود خط بارليف باستخدام سلالم مصنوعة من الحبال والخشب، كان جنود الصاعقة البواسل قد قاموا قبلنا بتثبيتها أعلى خط بارليف، والقائها الى اسفل لكى تصل الينا على حافة القناة (كانت درجة ميل خط بارليف فى كثير من أجزائه تزيد عن 45 درجة)

لا يستطيع انسان مهما بلغ من الفصاحة والبلاغة أن يصف مشاعرى حينما وقفت مرة أخرى ـ بعد غيبة استمرت 6 سنوات ـ على أرض سيناء، أما الجنود فأحدهم بدأ يصلى، وآخر بدأ يرقص ويغنى، وثالث انفجر فى بكاء عنيف، ورابع استمر يكبر بصوت عالى لمرات عديدة، وخامس اندفع نحوى فاتحا ذراعيه وشارعا فى احتضانى وهو يصيح: "مبروك يافندم.. سينا رجعت"، ودفعه ضابط يقف بجوارى قائلا: "انت نسيت نفسك ياعسكرى؟" فتوقف وخفض يديه وبدا عليه الخجل، فوضعت يدى على كتفه وطيبت خاطره، وهنا صاح فيهم الضابط: "احنا جايين عشان نشتغل، مش جايين نرقص ونغنى.. ياللا اتفضلوا، كل واحد منكم عارف واجبه" فتفرقوا لأداء المهام المكلفين بها، واقترب منى الضابط وهو يشير ناحية الشرق وقال: "بص يافندم.. اليهود بيجروا مذعورين.. الحمد لله اللى خلانا نعيش ونشوف بعينينا المنظر ده!"

وبقيت بمفردى بعض الوقت جالسا ـ باستمتاع شديد ـ فوق خط بارليف، أنظر شرقا الى جيش الدفاع الاسرائيلى ينسحب مهزوما فى فوضى عارمة، وأنظر غربا الى أعداد هائلة من جنود جيشنا يعبرون القناة، فى موجات لا تنقطع ولا تتوقف، تملؤهم الحماسة والرغبة فى الانتصار.

لقد عشت فى ذلك اليوم لحظات من أسعد لحظات حياتى.. أتذكرها الآن بكل تفاصيلها، كأنها حدثت بالأمس.. وأحمد الله كثيرا أننى عشتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق