حينما ارتفعت اسعار اللحوم ارتفاعا مفاجئا منذ زمن بعيد، اتخذ الرئيس السادات قرارا بمنع بيع اللحوم لمدة شهر!
ويومها تحمست زوجتى واستعدت لتنفيذ القرار،
إلا أنها فوجئت فى اليوم التالى بتليفون من احدى صديقاتها، تسألها اذا كانت تريد
لحوم، لأن لديها "مصدر للحوم بس غالى شوية!"
وعبثا حاولت زوجتى اقناع صديقتها، بإلانضمام
للمقاطعة، وقالت لها الصديقة فى نهاية المكالمة: "قاطعى إنتى.. إحنا ما
بنقاطعش!"
وبالرغم من اننى التزم التزاما كاملا
بأى اجراءات للمقاطعة، خصوصا اذا كانت لأسباب وطنية؛ إلا أننى مقتنع تماما بعدم
جدواها!
واسمحوا لى ان اناقش أهم قرارات
المقاطعة فى حياتنا، وهو مقاطعة اسرائيل!
وأحب أن أوضح أولا، اننى كنت ضابطا
فى جيش مصر العظيم، واننى اشتركت فعليا فى القتال فى جميع الحروب، ابتداء من حرب
1967، حتى حرب اكتوبر 1973 العظيمة، التى تشرفت بالإصابة فيها، وحصولى على نوط
الشجاعة!
وبالرغم من ذلك كله، فأنا لا أرى أن مقاطعة
اسرائيل مفيدة لمصر، بل أراها أكثر فائدة لإسرائيل!
والسبب الأول والأهم فى ذلك، هى القاعدة
التى تعلمناها فى التكتيك العسكرى: لا تجعل عدوك يغيب عن عينيك أبدا!
والرؤية بالعين فقط لاتكفى، بل يجب
أن يكون لك وسط العدو، من ينقل لك اخباره، وكافة التفاصيل عن حياته وتحركاته، أولا
باول!
وما امتع أن يكون لك بين العدو زوارا
وسواحا، يحملون موبايلاتهم وكاميراتهم، يلتقطون الصور والافلام، ويجرون الاحاديث
مع الناس؛ فوقتها لن يستطيع الاسرائيليون عمل تعبئة عامة، ولن يستطيع جيشهم عمل أى
تدريبات أو تحركات، دون ان نشعر بها، فى التو واللحظة!
وعن الجانب الآخر للمقاطعة، والخوف
من تواجد الاسرائيليين فى مصر؛ أسأل سؤالا بسيطا: هل نجح مٌحتل أو أجنبى، منذ فجر
التاريخ، أن يٌغٌير الشعب المصرى، ولو تغييرا طفيفا؟
والإجابة: لم ينجح أحد، والذى حدث هو
أن المٌحتل أو الأجنبى، إما رحل خارج مصر يجر أذيال الخيبة، وإما بقى واصبح يفطر
فولا أو طعمية، ويتغذى ملوخية خضراء أو محشى!