الخميس، 18 سبتمبر 2014

كلام فى الحجاب!

كان من الطبيعى بعد أن مرت بمصر سنين من التخلف الدينى، وبدأت مرحلة جديدة من الفكر المتحرر التقدمى، أن تبدأ موجة من التخلص من الحجاب، الذى كان الهدف الأساسى منه، ضمن أهداف رجعية أخرى عديدة، التأكيد للمرأة بأنها "ناقصة عقل ودين"،  وأنها "حطب جهنم"، لأنها كلها عورة، صوتها وشعرها وجسمها، ومن الأفضل بالتالى أن لا تخرج من بيتها الا لضرورة، فاذا خرجت يجب أن تكون بصحبة محرم، وأن تكون مرتدية الحجاب والأفضل النقاب!
وكان من الطبيعى أيضا، أن يواجه الجاهليون الوهابيون هذه الموجة المتحررة التقدمية، بدفاع مستميت عن الحجاب؛ وكان من ضمن ما شاهدنا مؤخرا ـ على صفحات Facebook ـ فيديو مدته خمسة دقائق ونصف، عبارة عن حديث لإمرأة غربية مسلمة محجبة.
وقد هللت بعض المحجبات للفيديو، وإعتبرنه أبلغ ما قيل فى هذا الشأن!
وسوف أعرض ـ بأمانة تامة ـ ما قالته السيدة، كما ارفق نسخة من الفيديو.
قالت السيدة فى البداية أنها سوف تحاول شرح بعض الأمور المرتبطة بالاسلام بطريقة يسهل على الغربيين فهمها!
ثم قالت أن أكثر سؤال يسأله الغربيون هو: لماذا تضع المرأة المسلمة (قطعة من القماش) على رأسها؟
وأبدت دهشتها لأنها إكتشفت ـ على حد قولها ـ أن تسعة وتسعين، من بين كل مئة امرأة مسلمة محجبة، لا يعرفن إجابة هذا السؤال!
وتساءلت اذا كانت كل النساء المسلمات المحجبات تقريبا، لا يعرفن الإجابة، فما بالك بغير المسلمات؟
ثم أوضحت أن تغطية النساء المسلمات لشعرهن، مذكور فى القرآن، وإستشهدت ـ للدلالة على ذلك ـ بهذه الكلمات من الآية 59 من سورة الأحزاب: "ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ".
ثم قالت أن هناك عدة أسباب لتغطية الشعر، وذكرت الأسباب بصيغة المٌتكلمة بالنيابة عن المحجبات:
فقالت أن السبب الأول هو: لكى نٌبرز هويتنا الإسلامية.. والثانى: لكى نٌبرز مصداقيتنا.. والثالث: لأننا فخورات بكوننا مسلمات.. والرابع: لكى نٌوضح ان من تقف امامك امرأة ذات قوة هائلة، لا تكذب ولا تخدع ولا تغش.. وأننى المرأة الأفضل فى كل مجال اتواجد فيه.. وحجابى معناه اننى مختلفة عن الاخريات.. واتوقع منكم معاملة مختلفة، لأن معاملتى معكم ستكون أيضا مختلفة!
ولا يجب أن تتحدثوا أمامى بألفاظ بذيئة! وحجابى هو تحذير للكل معناه: المرأة المحجبة التى أمامك تعرف كل شىء.. وهى ليست لعبة.. فاحذر أن تحاول اللعب عليها!
وألآية التى سبق أن ذكرتٌها (مازال هذا كلامها)، لها تكملة هى: "فَلَا يُؤْذَيْنَ"، ويقول البعض ان هذه التكملة تعنى: حتى لا يٌغتصبن، وهذا غير صحيح، لأن الاغتصاب لا يكون نتيجة للجاذبية الجنسية، فنساء كبيرات فى السن يٌغتصبن، والاغتصاب لا يكون بسبب الملابس، وانما هو نتيجة للكراهية والأمراض النفسية!
وانا اتوقع (مازال هذا كلامها)، حينما اتوجه لسوبر ماركت، ويرانى الجميع بملابسى الاسلامية، أن يسرعوا بفتح الباب لى؛ وعندما اصعد الى اوتوبيس، فيجب ان يترك الجالسون مكانهم لى!
ــــــــــــــــــــــــــ
وباقى كلام السيدة، تكرار لنفس الأفكار والآراء.
هناك قاعدة إسلامية معروفة، تقول أن من اجتهد ثم أصاب فله أجران ومن اجتهد ثم أخطأ فله أجر.
والسيدة الفاضلة ـ من وجهة نظرى ـ تستحق أجرا واحدا، لأنها إجتهدت، ولكنها للأسف الشديد أخطأت فى الكثير مما قالته، إن لم يكن فى كله!
بداية، مادامت تتحدث بطريقة يسهل على الغربيين فهمها، كيف حددت السيدة الفاضلة أن هذا السؤال هو أكثر سؤال يسأله الغربيون؟
وكيف حددت أن تسعة وتسعين، من بين كل مئة امرأة مسلمة محجبة، لا يعرفن إجابة هذا السؤال؟
وأما عن استشهادها بكلمات من الآية 59 من سورة الاحزاب، فالسيدة لجأت الى الاسلوب الجاهلى الوهابى، فى الإستشهاد بآيات من القرآن، لا صلة لها بموضوع الحديث؛ فالنص الكامل للآية هو: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"
و سبب نزول هذه الآية هو أن دورات المياه، لم تكن موجودة فى تلك الأيام، فكانت النساء يخرجن للخلاء لقضاء حاجتهن، وكان بعض الرجال السيئين، يختبئوا فى الحفر الموجودة فى الخلاء، للتلصص ومشاهدة الأجساد العارية للنساء، فنزلت هذه الآية لتنبه النساء بعدم رفع جلابيبهن من على الأرض، و "يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ"، أى يٌخفضنها للارض، حتى لا يتمكن أحد من رؤية أجسادهن.
وواضح أنه لا توجد أى صلة بين نص ومعنى الآية، وتغطية النساء المسلمات لشعرهن!
وأحب أيضا بالمناسبة أن أوضح، أن كلمة "الشعر" لم تذكر فى القرآن سوى مرة واحدة، فى الآية 69 من سورة "يس" ونصها:"وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ"
والشعر هنا بكسر الشين، بمعنى (تلك الكلمات التى توضع فى ابيات موزونة، ويغنيها الناس ويرددونها)، أما كلمة "الشعر" (بفتح الشين) الذى يعتبر الجاهليون الوهابيون، أنه مشكلة المشاكل، وأن تغطية المرأة المسلمة له هو غاية المراد من رب العباد؛ فلم تذكر (مرة واحدة) فى القرآن الكريم!
والسيدة قررت وأكدت أن المسلمة بمجرد أن تضع على شعرها (قطعة من القماش)، تصبح امرأة ذات قوة هائلة، تعرف كل شىء، وهى مختلفة عن الآخرين، لأنها ألأفضل فى كل مجال تتواجد فيه، وتتوقع منهم معاملة مختلفة، لأن معاملتها معهم ستكون أيضا مختلفة، وهى لا تكذب، ولا تخدع، ولا تغش، وهى ليست لعبة، وعلى الآخرين أن يحذروا من محاولة اللعب عليها!
ولست أدرى أى قوة هائلة تكمن فى تلك القطعة من القماش، بحيث تٌحوّل المرأة التى تضعها على شعرها، من انسانة عادية، الى امرأة "سوبر" فى الأخلاق، وفى الوضع الدينى والاجتماعى، مع مراعاة أن هذا يعنى ـ ضمنا ـ أن المرأة التى لا تضع على شعرها هذه القطعة من القماش، سواء كانت مسلمة أوغير مسلمة؛ تفتقد كل هذه الصفات الأخلاقية الحسنة، وتفتقد أيضا الأبهة الإجتماعية!
تٌرى.. هل هذه الكلمات هى إيضاح من الممكن أن يتقبله الغربيون، عن سبب وضع المسلمة "قطعة من القماش" على شعرها؟
أنا أرى، أن هذه السيدة الغربية المسلمة المحجبة، "حبت تكحلها، فـ...."
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق