حينما بدأت هوجة الدعاة الإسلاميين، كان من المستحيل أن تشاهد برنامجا فى
قناة تليفزيونية، دون أن يسبقه أو يعقبه، حديثا أو حوارا لأحد هؤلاء الدعاة، يتحدث
فيه بإستفاضة عن الحجاب والنقاب، و الثعبان الأقرع وعذاب القبر، والذبابة التى تقع
فى كوب اللبن؛ وما شابه ذلك من أمور، كان ومازال هؤلاء الدعاة يعتبرونها فى غاية
الأهمية!
وحينما توجهت فى أحد تلك الأيام الى حمّام المنزل، فوجئت بـ
"ستيكر" ملصقا على باب الحمّام! مكتوب عليه بخط كبير"دعاء
الخلاء"، ثم دعاء يجب تلاوته قبل الدخول الى الحمّام!
ولما استفسرت عن الأمر من إبنتى التى ألصقت الـ "ستيكر"، قالت أن
أحد هؤلاء الدعاة قام أثناء أحد أحاديثه بتوزيعه على الحاضرين، وطلب منهم لصقه على
ابواب الحمّامات بالمنازل، حتى يقرأه الكل قبل الدخول، إقتداءً بالمسلمين الأوائل،
فيكسبوا ثوابا كبيرا، ويدخلوا الجنة!
من المؤكد أن هؤلاء الدعاة يعلمون، أن الخلاء لم يعد المكان الذى يقضى
الإنسان فيه حاجته؟ وبدلا من ذلك اصبحت هناك حجرة مغلقة إسمها الحمّام أو دورة
المياه، فلم الإصرار على استخدام كلمة لم تعد دالّة على شىء أو مناسبة، فى أيامنا
هذه!
ثم ـ واعتذر بشدة عما سوف أقوله ـ لم تكن المياه متوفرة لدى المسلمين
الأوائل، فكانوا مضطرين فى أحيان كثيرة أن يمسحوا مؤخراتهم بطوب أو زلط؛ فهل نقتدى
بهم فى ذلك أيضا؟
وهب أننى مصاب بإسهال، ألا تتفقوا معى أن وقوفى ـ فى تلك اللحظات الثمينة ـ
على باب الحمّام لقراءة "دعاء الخلاء"، قد تكون له نتائج سيئة للغاية؟
سؤال الى الداعية الإسلامى الذى قام بطباعة وتوزيع الـ "ستيكر"، والذى كان مطبوعا طباعة متميزة على ورق مصقول فاخر: ألم
يكن الأجدى لأمة المسلمين، توجيه المال والمجهود اللذان بٌذلا فى هذا الـ
"ستيكر"، لمجال آخر يغطى احتياجات أهم، بدلا من هذا التخلف!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق